كشفت كارثة حريق المنامة أمس عن سوء الأوضاع في سوق العاصمة البحرينية، ليكشف عن تراكمات من الإهمال لسنوات طويلة، حيثُ يُقيم آلاف العمال في ظروف غير إنسانية، بينما تُسيطر العمالة السائبة على مفاصل السوق.
وتُعدّ قضية العمالة السائبة في سوق المنامة واحدة من أبرز المشكلات المُزمنة التي تُثقل كاهل المدينة، في ظلّ غياب الجدية من قبل الجهات الرسمية في معالجتها. وقد أدى ذلك إلى تحويل المنامة إلى “عاصمة آسيوية مغمورة” تُنذر بمخاطر جسيمة على جميع المستويات، أمنية واقتصادية واجتماعية.
تباطؤ في الاستجابة وغموض في عدد الضحايا في كارثة حريق المنامة
ورغم ادعاءات المسؤولين بتميّز البحرين في التعامل مع الكوارث على المستوى الدولي، إلا أنّ وزارة الداخلية واجهت انتقادات واسعة بسبب سوء إدارة كارثة حريق المنامة. فقد أعلنت الوزارة بعد 8 ساعات من اندلاع الحريق السيطرة عليه دون وقوع أيّ وفيات، لتعود وتُعلن في وقت لاحق عن العثور على جثة شخص في مكان الحادث.
كما اتسمت عملية الإطفاء ببطء الاستجابة، حيثُ باشر “الدفاع المدني” مكافحة الحريق حوالي الساعة 4:22 مساءً، بينما لم تُعلن وزارة الداخلية عن السيطرة عليه إلا بعد منتصف الليل.
وتضاربت تصريحات الوزارة حول عدد الضحايا، ففي حين أكدت في بيانها الأول عدم وقوع أيّ وفيات، عادت لتُعلن عن العثور على جثة شخص، قبل أن يرتفع العدد إلى ثلاثة أشخاص وفقًا لتصريح لاحق لمدير إدارة العمليات في الإدارة العامة للدفاع المدني.
مخاطر مُتراكمة وتجاهل حكومي
يُثير حريق المنامة قلقًا بالغًا بشأن المخاطر المُتراكمة التي تُهدد المنامة، والتي لا تحظى باهتمام حكومي كافٍ. فمنذ سنوات، تتجاهل السلطات المُطالبات المُتكررة بمعالجة أوضاع السوق، ممّا أدّى إلى تفاقم الأزمات الأمنية والاقتصادية والبلدية، ناهيك عن التّأثير السلبي على الهوية المجتمعية للعاصمة.
هل حان وقت التغيير؟
في ظلّ هذه الكارثة، تتجدّد المطالبات بضرورة إصلاح شامل لسوق المنامة. وتشمل هذه المطالبات:
- معالجة مشكلة العمالة السائبة: من خلال تنظيم سوق العمل وضمان حصول العمال على حقوقهم.
- تحسين البنية التحتية: لضمان السلامة والأمان في السوق.
- دعم أصحاب المشاريع الصغيرة: لتنشيط الحركة الاقتصادية في السوق.
- الحفاظ على الهوية الثقافية: من خلال ترميم المباني التاريخية والحفاظ على الطابع المعماري المميز للسوق.
إنّ حريق المنامة يُمثّل فرصةً حقيقيةً لمعالجة جذور المشكلات في سوق العاصمة، وضمان مستقبل أفضل للمنامة وللمملكة ككلّ. وتقع على عاتق الحكومة مسؤولية اتخاذ خطوات جادة تُؤدّي إلى إصلاح شامل وسريع، يضمن سلامة وازدهار المنامة.
المصدر: قناة اللؤلؤة