تم الاعلان عن بدأ محادثات رسمية من اجل إعادة العلاقات البحرينية الإيرانية بعد مرور 8 سنوات من قطعها، فما هي التفاصيل؟

قالت وزارة الخارجية البحرينية إن البحرين وإيران اتفقتا على بدء محادثات تهدف إلى إعادة العلاقات السياسية بين البلدين، وذلك بعد اجتماع بين وزيري خارجيتهما في طهران.

وجرى اللقاء، الأحد، بين وزير خارجية البحرين عبداللطيف بن راشد الزياني والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كاني، خلال زيارة الزياني إلى إيران، حيث يشارك في قمة حوار التعاون الآسيوي.

وجاء في البيان أن “الجانبين اتفقا في هذا اللقاء على وضع الآليات اللازمة لبدء المحادثات ودراسة كيفية استئناف العلاقات السياسية بينهما”.

هناك نزاعات طويلة الأمد بين البحرين وإيران منذ أكثر من عقد من الزمن. حيث انه تم قطع العلاقات البحرينية الإيرانية في عام 2016 بعد التوترات بين السعودية وإيران، حليفة البحرين.

كما اتهمت البحرين إيران بالتورط في حركة احتجاجية شعبية مناهضة للحكومة عام 2011، والتي تم قمعها بعد وصول القوات السعودية إلى المنامة.

قطعت السعودية أيضًا علاقاتها مع إيران في عام 2016، لكنها استعادتها العام الماضي كجزء من اتفاق توسطت فيه الصين، ومنذ ذلك الحين تحسنت العلاقات البحرينية الإيرانية.

وفي وقت سابق من يونيو/حزيران، أرسلت البحرين طلبًا عبر روسيا لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، حسبما أفادت وسائل إعلام إيرانية.

وفي مايو/أيار، قال ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إن بلاده تتطلع إلى تحسين العلاقات مع إيران.

عمق العلاقات البحرينية الإيرانية

البحرين هي أصغر دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، وسياساتها الخارجية تعتمد بشكل أساسي على سياسات المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. تم قطع العلاقات بين البحرين وجمهورية إيران الإسلامية في عام 2016. بعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية في يناير 2016، أعلنت البحرين عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد يوم واحد فقط من هذا القرار السعودي.

بعد ذلك، تسببت زيادة التوتر بين إيران والسعودية وكذلك بين إيران وأمريكا في تأثير سلبي على العلاقات البحرينية الإيرانية وزادت الفجوة بين البلدين. أحد الأسباب التي تجعل علاقات طهران والمنامة تتأثر بسياسات الدول الأخرى تجاه إيران هو أن حجم العلاقات التجارية بين البلدين ضئيل جداً.

حيث بلغت صادرات إيران إلى البحرين في السنوات من 2017 إلى 2021 على التوالي 11.7، 12.1، 9.9، 8.4 و9.7 مليون دولار، حيث استحوذت البحرين في عام 2021 على 0.02% فقط من صادرات إيران، وبذلك احتلت المرتبة 68 بين شركاء إيران التجاريين. في مجال الواردات، استحوذت البحرين على 0.002% فقط من واردات إيران واحتلت المرتبة 90.

اسباب رغبة البحرين في عودة العلاقات

يمكن الإشارة إلى ثلاثة عوامل وراء رغبة البحرين العلنية في استئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية:

1- استئناف العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية:

بعد أن استؤنفت العلاقات بين السعودية وإيراني في مارس 2023، طُرح موضوع استئناف العلاقات البحرينية الإيرانية. في مارس 2023، بعد أيام قليلة من استئناف العلاقات بين الرياض وطهران، أعلن أحمد بن سلمان المسلم، رئيس مجلس البحرين، خلال لقاء مع وفد برلماني من الجمهورية الإسلامية الإيرانية على هامش الاجتماع الـ146 للاتحاد البرلماني الدولي (IPU) في المنامة، عن بدء المفاوضات بين طهران والمنامة لاستئناف رحلات الطيران المدني بين البلدين. في 13 يونيو 2023، أفادت باربارا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي، بإمكانية استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وإيران.

مع استمرار تحسين العلاقات بين إيران والسعودية وتقارب البلدين، ازدادت إصرار البحرين على استئناف العلاقات مع إيران. في هذا السياق، رغم أن البحرين ليس لديها علاقات دبلوماسية رسمية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران للمشاركة في مراسم تكريم الرئيس الإيراني الشهيد.

في هذا السياق، زار عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية البحرين، طهران لحضور مراسم تكريم الشهيد سيد إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية، والشهيد حسين أميرعبداللهيان، وزير الخارجية الإيراني. في الوقت نفسه، أكد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، في لقائه مع فلاديمير بوتين على ضرورة استئناف العلاقات بين المنامة وطهران.

2- الجهود الدبلوماسية للرئيس الايراني:

كان أهم استراتيجيات السياسة الخارجية لحكومة الرئيس الايراني هو تطوير العلاقات مع الدول المجاورة، الإسلامية والمتوافقة. مع مرور الوقت، قوبلت هذه السياسة بقبول من قبل الدول الأخرى لأنها لم تبق في مستوى الكلام فقط بل أخذت طابعاً تنفيذياً أيضاً.

حيث قام رئيسي بـ28 رحلة إلى 23 دولة خلال 34 شهراً من رئاسته، وكانت هذه الرحلات هادفة لتنفيذ سياسة تطوير العلاقات. في الواقع، توصلت الدول بما في ذلك السعودية والبحرين إلى استنتاج بأن حكومة الرئيس رئيسي لديها نية حسنة في تحسين العلاقات وتتبع سلوكاً صادقاً وتتجنب التصرفات المتسرعة. لهذا السبب، بدأت التوترات في العلاقات الثنائية مع الدول المجاورة، بما في ذلك البحرين، بالانخفاض، والآن يؤكد ملك البحرين على أنه لا يوجد سبب لتأخير تطبيع العلاقات مع إيران.

3- انخفاض نفوذ الولايات المتحدة في غرب آسيا

العامل الثالث المؤثر في هذا المجال هو انخفاض نفوذ الولايات المتحدة في غرب آسيا. مع وصول جو بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة، شهدت العلاقات بين واشنطن والمملكة العربية السعودية توتراً من جهة، ومن جهة أخرى ركزت واشنطن بشكل أكبر على شرق آسيا. في الوقت نفسه، يبدو أن الولايات المتحدة لا ترغب في حدوث المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في غرب آسيا، ولا تعارض تحسين العلاقات بين دول المنطقة بما في ذلك مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أحد أسباب ذلك هو أن الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بالمكانة والموقع الذي كانت عليه في العقود الماضية، وقدرتها على ممارسة الضغط على الدول الأخرى، بما في ذلك دول غرب آسيا، قد تراجعت.

من بين الأدلة على انخفاض نفوذ الولايات المتحدة هو رفض المملكة العربية السعودية اتباع سياسة دول بايدن بشأن الحرب في أوكرانيا ومعارضة زيادة إنتاج النفط. الآن، البحرين أيضًا تسعى لاستئناف العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقدر أكبر من الحرية.

تأكيد ملك البحرين على ضرورة استئناف العلاقات البحرينية الإيرانية يعكس بشكل أساسي فشل سياسة عزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإحداث فجوة بينها وبين الدول العربية، وهي السياسة التي كانت الولايات المتحدة تسعى لتحقيقها. كما أن انخفاض نفوذ الولايات المتحدة في غرب آسيا أدى إلى تمتع الدول العربية اليوم بمزيد من الاستقلالية في سياساتها الخارجية.

المصدر: قناة اللؤلؤة

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version