لفهم مشروع التوطين في البحرين علينا أن لاننسى لعل أحد أهم دوافع التطبيع بين البحرين والكيان الإسرائيلي المحتل هو رغبة العائلة الحاكمة في البحرين في الاستفادة من السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالاستيطان وتغيير التركيبة الديموغرافية، وهي خطة بدأتها البحرين منذ عشرين عامًا.

مشروع التوطين في البحرين

مشروع التوطين في البحرين يتجلى من خلال توطين عشرات الآلاف من الأجانب ومنحهم امتيازات معيشية وخدماتية على حساب السكان الأصليين للجزيرة، وبناء تجمعات سكنية خاصة للمواطنين الجدد. يمكن ملاحظة ذلك عند زيارة مناطق مثل سافرة أو مدينة عسكر الجديدة.

ولضمان تحقيق التغيير الديموغرافي، تستهدف العائلة الحاكمة السكان الأصليين عبر ما يسمى خطة “ع3″، وهي خطة حكومية تستهدف السكان في مجالات التعليم والعيش والإنجاب، مما يحد من قدراتهم التعليمية والمعيشية وقدرتهم على الإنجاب.

وضع هذه الخطة وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة بمعاونة ابن أخته أحمد عطية الله آل خليفة، وكلاهما متورطان في سرقات من موازنات خاصة بالملك تقدر بنحو نصف مليار دينار (مليار و300 مليون دولار).

إذا كان الملك لا يثق بهؤلاء لحماية أمواله، فكيف يمكنه الاعتماد عليهم في التخطيط لمستقبل البلاد؟ وهل يرغب الملك حقًا في جعل البحرين ساحة لصراع إثني خطير ومفتوح على كل الاحتمالات كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟

قد يكون هذا المشروع قد نجح مؤقتًا في تقليل الفجوة العددية بين السكان الأصليين والمهاجرين، إلا أنه بدأ يظهر فشله على عدة مستويات، من بينها تذمر الطائفة السنية من الأوضاع الراهنة في البلاد.

تمكنت الجهات المعنية بالمشروع من إيهام الطائفة السنية بأن المبادرة ليست موجهة ضدهم، وأنها بالعكس ستساهم في استعادة الأمن الذي طالما فقدته البلاد. إلا أن اليوم، يدرك الجميع أن هذا الاعتقاد الاستراتيجي كان خطأً فادحًا، حيث حوّل البحرين إلى بؤرة توتر خطيرة وأدى إلى تدهور جميع جوانب الحياة كجزء من بيئة إقليمية مزدهرة.

تصبح البحرين على حدود الخليج منفصلة فيما يتعلق بالاستقرار السياسي والاقتصادي، ويُعتبر مشروع التوطين أحد الأسباب الرئيسية لهذا الانفصال ولزيادة التوتر في المنطقة، حيث ترفض قوى إقليمية مثل السعودية بشدة الاعتراف بالمواطنة لمكتسبيها في البحرين كأعضاء في دول الخليج أو كجزء من النسيج الاجتماعي لتلك الدول. كما تفرض الكويت إجراءات أمنية صارمة على الوافدين من البحرين، مما أدى إلى حملات تجريد جنسيات لعدد كبير من الأفراد الذين حصلوا عليها بطرق غير شرعية.

فيما يتعلق بالقوى الإقليمية الأخرى، تنظر إيران والعراق واليمن وقوى لبنانية إلى مشروع التوطين باعتباره واحدًا من مظاهر القلق، حيث إن تغيير التركيبات الديموغرافية يعد عملاً محتملاً لخلق فوضى دائمة.

أعربت الدول العربية عن رفضها الكامل لتغيير التركيبة الديموغرافية في البحرين خلال بيان صدر عن قمة عقدت في البلاد، ويطرح السؤال المهم: هل ترغب البحرين حقًا في أن تصبح ساحة مشابهة لتلك التي تشهدها مناطق الصراعات، الفوضى، والتدخلات الخارجية؟ أم أن العائلة الحاكمة تسعى فقط لإيجاد حلول عادلة تجنب البلاد متاعب عديدة؟

المصدر: قناة اللؤلؤة + مرأة البحرين

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version