تمر الذكرى الواحدة والخمسين على الإطاحة بالديمقراطية البحرينية في 26 أغسطس 1975، وهي لحظة تاريخية تتسم بأهمية خاصة في سياق التطور السياسي للمملكة.

الإطاحة بالديمقراطية البحرينية

كان المجلس الوطني الذي تأسس في عام 1973 بمثابة منصة حقيقية للتعبير عن إرادة الشعب والمشاركة الشعبية في صنع القرار.

إلا أن هذه التجربة لم تستمر طويلاً، حيث تم تعطيلها بعد عامين فقط، مما أفضى إلى فترة طويلة من السيطرة الحكومية على المسار السياسي في البلاد. وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة، يبقى السؤال الأهم: هل انتهت إرادة الشعب نهائياً؟

الإطار التاريخي للتجربة الديمقراطية

عندما تأسس المجلس الوطني في عام 1973، كان البحرين يشهد لحظة نادرة من التوافق الوطني. تم الاتفاق على دستور يعكس تطلعات الشعب ويمنحه دوراً محورياً في العملية السياسية.

كانت هذه الخطوة قفزة نوعية في سياق تطور البحرين السياسي، حيث عكست إرادة الشعب ورغبته في المشاركة الفاعلة في صنع القرار. إلا أن هذه التجربة لم تُمنح الفرصة للاستمرار طويلاً، حيث اصطدمت برغبة الحكومة في الاحتفاظ بزمام السلطة المطلقة.

في 26 أغسطس 1975، تم حل المجلس الوطني و الإطاحة بالديمقراطية البحرينية، وتوقفت تلك التجربة الواعدة، مما أدى إلى تفاقم الهوة بين تطلعات الشعب والواقع السياسي الذي فرضته الحكومة.

النموذج الديمقراطي في السبعينيات مقابل التجربة البرلمانية الحالية

عند مقارنة التجربة الديمقراطية التي شهدتها البحرين في السبعينيات مع التجربة البرلمانية الحالية بعد الإطاحة بالديمقراطية البحرينية، يتضح بجلاء أن تلك التجربة كانت أكثر تقدماً وشمولية. ففي السبعينيات، أفضى المجلس التأسيسي إلى توافق وطني حول دستور يعكس إرادة الشعب.

بالمقابل، تبدو التجربة البرلمانية الحالية متراجعة بشكل كبير، حيث تهيمن إرادة الحكومة على المجلس النيابي. أعضاء المجلس الحالي يتخندقون مع السلطة ضد تطلعات الشعب في الحرية والديمقراطية، مما يفقد العملية السياسية جوهرها الحقيقي.

أدى هذا التراجع إلى تشويه مفهوم الديمقراطية في البحرين، حيث أصبح الشعب عاجزاً عن ممارسة حقه الكامل في الانتخاب الحر، ولم يعد هو المصدر الرئيسي للسلطات كما ينص على ذلك الدستور. بهذا المعنى، يمكن القول إن التجربة الحالية تمثل انفصالاً تاماً عن اللحظة الزمانية الحالية وما تتطلبه من تطور حضاري وفكري وسياسي.

التحولات العالمية وتطلعات الشعب البحريني

تتسم المرحلة الحالية بتحولات عالمية سريعة ومهمة، منها تطور الوعي السياسي وزيادة التطلعات نحو الحرية والديمقراطية.

ومع ذلك، يبدو أن البحرين ما زالت تعيش في حقبة ماضية، حيث تهيمن السلطة التنفيذية على المشهد السياسي وتقصي الشعب عن ممارسة دوره الطبيعي.

هذا الانفصال بين ما يجب أن يكون وما هو كائن، يمثل تحدياً كبيراً لتطلعات الشعب البحريني في تحقيق العدالة والحرية والمشاركة السياسية الفاعلة.

تظهر التغيرات العالمية مدى أهمية تفاعل الحكومات مع شعوبها بشكل إيجابي، حيث يتم الاعتراف بالإرادة الشعبية كمصدر أساسي للسلطة. إلا أن الوضع في البحرين يظل معكوساً، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الديمقراطية في البلاد. هل يمكن أن تعود إرادة الشعب إلى الواجهة مرة أخرى؟ أم أن الوضع الحالي أصبح هو القاعدة الثابتة التي لا يمكن تجاوزها؟

ماهو مصير الشعب؟

في الذكرى الواحدة والخمسين لـ الإطاحة بالديمقراطية البحرينية في السبعينيات، يبرز التساؤل حول مصير إرادة الشعب البحريني. يبدو أن هذه الإرادة قد أُقصيت بشكل متعمد لصالح هيمنة الحكومة، مما أدى إلى تراجع كبير في مستوى الحريات والمشاركة السياسية.

ومع ذلك، يبقى الأمل معقوداً على قدرة الشعب على استعادة دوره الطبيعي كمصدر للسلطة، وذلك في سياق التحولات العالمية التي تفرض واقعاً جديداً قد يتيح للبحرين فرصة أخرى لتحقيق ديمقراطية حقيقية.

إن مستقبل البحرين السياسي يعتمد بشكل كبير على كيفية استجابة الحكومة للتطلعات الشعبية، وعلى مدى قدرة الشعب على المطالبة بحقوقه الديمقراطية. وإذا ما تحقق هذا التوازن، فقد تكون الذكرى الـ51 نقطة تحول نحو مستقبل أكثر إشراقاً للبلاد وشعبها.

المصدر: قناة اللؤلؤة + الوفاق

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version