في ظل التطورات السياسية والميدانية المتسارعة في الشرق الأوسط، شهدت المنطقة تحولات جذرية بعد “طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار”. تلك العبارة تلخّص بدقة الفترة المليئة بالتحديات والتغييرات الهامة التي شهدتها المنطقة، حيث تجلى تأثير طوفان الأقصى في تحريك روافد المقاومة والصمود، مما أفضى إلى طوفان جديد يضاف إلى خريطة الصراعات والتحولات الإقليمية.

ألقى السيد حسن نصرالله كلمة اليوم الأربعاء في الاحتفال الجماهيري الذي أُقيم تحت عنوان “منبر القدس الموحدة” بمناسبة يوم القدس العالمي و ذكر فيه رحلة المقاومة من طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار.

 

عبّر السيد نصرالله عن شكره وتقديره لجميع المشاركين في فعاليات يوم القدس العالمي، في مختلف الأماكن والعواصم، مشيدًا بمساهمتهم وحضورهم وتحملهم للمسؤولية في هذا الزمن الصعب تجاه القضية الأهم والأكبر والأخطر في تاريخنا المعاصر من طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار.

يوم القدس هذا العام مختلف

أكد السيد نصرالله أنّ يوم القدس هذا العام يأتي مختلفًا كثيرًا عن أيام القدس في السنوات الماضية، وذلك بفضل طوفان الأقصى، الذي نتج عنه أحداثٌ عظيمةٌ بدأت في سبعة تشرين الأول من العام الماضي، وما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن.

طوفان الأحرار

اعتبر السيد نصرالله أنّ من نتائج طوفان الأقصى كان إطلاق طوفان الأحرار، وهو الشعار الذي اعتمده الأعزاء ليوم القدس العالمي هذه السنة. وأضاف أنّ ما يجري اليوم في فلسطين والمنطقة والعالم هو طوفان بكل ما للكلمة من معنى، معربًا عن أمله في أن يكبر هذا الطوفان وأن يزداد من طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار.

تقديرٌ للمقاومة في غزة

أكد السيد نصرالله على ضرورة الوقوف بإجلال واحترام وتقدير لما قامت به المقاومة في غزة بكل فصائلها وتشكيلاتها، مشيدًا بإبداعها ومبادراتها وشجاعتها وإقدامها وأيضا لنجاحها وتحقيقها الإنجازات. كما أشاد بثباتها وصمودها وقتالها الأسطوري أمام أحد أقوى جيوش المنطقة على الإطلاق و هذا هو سبب لرحلتنا من طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار.

 

يجب علينا أن نؤكد بقوة واحترام على ضرورة التقدير والاحترام لشجاعة وصمود شعب غزة، بما في ذلك نسائه ورجاله وأطفاله، وكذلك كبارهم وصغارهم، وذلك أثناء مواجهتهم للمجازر والتهجير والجوع على مدار ستة أشهر. إن صبرهم وصمودهم خلقوا ملحمة تاريخية لا مثيل لها.

نحيي تضحيات الضفة و القدس المحتلة

كما نحيي تضحيات شعب الضفة الغربية والقدس المحتلة، خصوصا في ظل وجود أكثر من 7000 معتقل يتعرضون للاعتقال والقتل والمداهمات. ونشدد على أن هناك معارك تدور في مدن الضفة يوميا وليلا.

تقدير من المقاومة في لبنان و اليمن و العراق و سوريا و ايران

لابد أيضا من التوقف لتقدير الجبهات القتالية المباشرة في لبنان واليمن والعراق، فهي تحمل عبء القتال وتقدم التضحيات بشجاعة ولكنها أيضا تواجه التهديدات والضغوط ومع ذلك تظل مستمرة في مواجهة العدو.

نشكر جبهات الدعم والاحتضان في الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تواجه الكثير من التهديدات والضغوط، وتتحمل مسؤولية دعم المقاومة في كل مكان. الجمهورية الإسلامية تظل ثابتة بقيادتها ودعمها الحازم لقضية فلسطين وحركات المقاومة في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أن سوريا تتعرض يوميًا للتهديدات والضغوط، بالإضافة إلى العدوان المتكرر والقصف والتدمير، مما يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى، سواء كانوا ضباطًا وجنودًا في الجيش السوري أو قوات صديقة وحليفة، بما في ذلك مقاتلو المقاومة الإسلامية في لبنان والمستشارون الإيرانيون، بالإضافة إلى آخرين.

 

وأكد الأمين العام لحزب الله أن هذه الضغوط والتهديدات على مدى ستة أشهر لم تغير موقف سوريا المناصر والمساند لحركات المقاومة في المنطقة.

أهمية الحركات الاحتجاجية في العالم ضد الصهاينة

كما أشار إلى ضرورة التوقف والتفكير في حركة الاحتجاج الشعبية في العديد من بلدان العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب. وخصّ بالذكر شجاعة شعب اليمن الذي يظل مستمرًا في التظاهر والاحتشاد على الرغم من المعاناة الشديدة التي يواجهها.

العدو الصهيوني يتجاهل قرارات الدولية

وحذر نصر الله من أن العدو الإسرائيلي يواصل الحرب رغم مرور ستة أشهر، متجاهلاً القرارات الدولية والمناشدات العالمية، ومتجاهلًا القيم والقوانين الدولية.

وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لحزب الله على ضرورة الثبات والصمود ومواصلة العمل، مع اليقين بأن النصر سيأتي من الله تعالى، مشددًا على أهمية دعم قطاع غزة والمشاركة في جبهات المقاومة الأخرى.

 

شدد على أهمية تضافر الجهود لتوفير كلّ عناصر القوة التي تُمكن معركة طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار من تحقيق أهدافها.

وأكد على مسؤولية الجميع في ذلك، واعتبرها نقطة بالغة الأهمية، وواحدة من التحديات المُرتبطة مباشرة بإحياء يوم القدس.

وأشار إلى النتائج الاستراتيجية المهمة التي حققها طوفان الأقصى في فلسطين، في غزة، وفي جبهات المقاومة، خاصةً ما يرتبط بالخسائر الاستراتيجية للكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي في المنطقة، ومستقبل وجود هذا الكيان في المنطقة.

المثبطين يركزون على حجم التضحيات بدل الانجازات

وكشف عن أنّ بعض المثبطين في منطقتنا والعالم العربي والإسلامي، وبعض المنافقين، يركزون على حجم التضحيات ويتجاهلون حجم الإنجازات، أو يسفهونها خدمةً للعدو ولتثبيط عزائم المقاومين والمجاهدين، وكل الشعوب والبيئات الحاضنة والمؤمنة بخيار المقاومة.

ودعا السيد نصرالله كلّ المنابر ووسائل الإعلام التي تؤيد هذا المسار المقاوم إلى شرح وتبيّن وتوضيح هذا الأمر بكل الأساليب المتوفرة، محذراً من أنّ السكوت قد يُحوّل صورة الإنجازات التاريخية للمقاومة اليوم إلى صورة هزيمة للمقاومة وانتصار للعدو من خلال التزييف والتشويه وقلب الحقائق.

لـ طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار تضحيات جسام

واعتبر أنّ لـ طوفان الأقصى إلى طوفان الأحرار تضحيات جسام، ولكن هناك أيضًا نتائج عظيمة وبركات كبيرة.

وأكد على مسؤولية الجميع اليوم، أولاً، في اكتشاف هذه النتائج والإنجازات العظيمة، وخصوصًا الاستراتيجية منها، وتحديدها، ومن ثمّ بيانها للناس بكل الوسائل وفي كل المناسبات.

علينا أن في يوم القدس نوضح أهمية المقاومة

أشار السيد نصرالله إلى أنه يتعين علينا، في يوم القدس وفي المناسبات الأخرى، أن نوضح أهمية هذا العمل. ولكنه لفت الانتباه إلى أن تحرير جنوب لبنان في عام 2000، باستثناء المزارع وتلال كفرشوبا، وتحرير قطاع غزة من الاحتلال، قد أنهى مشروعًا كبيرًا لإسرائيل. وأوضح أن هذا الكيان لا يمكنه البقاء في جنوب لبنان أو في قطاع غزة، ولن يكون قادرًا على توسيع حدوده مرة أخرى. لقد أنهى هذا الانتصار مشروع إسرائيل الكبرى.

 

وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أنه بعد هذه الانتصارات، وُلِد مشروع إسرائيل العظيم، الذي كانت تراهن عليه الولايات المتحدة كنقطة انطلاق لسيطرتها على الشرق الأوسط، وتحويل الكيان الصهيوني إلى القوة الإقليمية الرئيسية.

حرب تموز نجحت في اسقاط مشاريع الصهاينة

وأشار إلى أن حرب تموز نجحت في إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد ومشروع إسرائيل العظيم، وذلك حسب تقرير لجنة فينوغراد الذي قيّم أداء الجيش والحكومة والقيادة الإسرائيلية في تلك الحرب.

وأكد أن العمل الذي نشهده اليوم مع طوفان الأقصى، يتجاوز مشروع إسرائيل الكبرى ومشروع إسرائيل العظيم، وهو يستهدف بقاء وجود الكيان الصهيوني. وأشار إلى أن هذا العمل وضع الكيان الصهيوني على حافة الهاوية والسقوط النهائي، وستظهر ملامح هذا الأمر مع مرور الوقت، على الرغم من أنه لا يُتوقع أن يحدث هذا في غضون أيام قليلة أو أشهر، بل من المتوقع أن تظهر هذه المعالم والآثار في السنوات القليلة المقبلة.

انجازات طوفان الأقصى تمثل تحديات شاملة على مستويات متعددة

أكد السيد نصرالله أن ما تحققه معركة “طوفان الأقصى” يمثل تحديًا شاملًا على مستويات متعددة، سواء أمنية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عسكرية أو نفسية أو معنوية، حيث هزّ وزلزل أسس الكيان الإسرائيلي ومشروعه، ما يترك آثارًا كارثية وخطيرة لا يمكن لحكومته أو لأحزابه أن تتلافى. وأكد أن النتائج الواضحة لهذا الهزّ ستظهر بوضوح بمجرد انتهاء الحرب، ولكن الأهم هو العمل بكل قوة لضمان خروجنا من هذه المعركة منتصرين وثابتين وموفقين، وللوصول إلى الهدف النهائي بتحقيق الهزيمة للعدو وكل من يدعمه.

وفي ختام كلمته، شدد على أن معركة “طوفان الأقصى” بنيت على إنجازات المقاومة عبر السنين وعلى جهود حركات المقاومة وقادتها، ولاسيما الشهداء، بما فيهم القائد الكبير الشهيد الحاج قاسم سليماني. وأكد على أهمية بناء وتأسيس المستقبل على هذه الإنجازات الاستراتيجية، مع التوجه نحو الهدف النهائي، معربًا عن أمله في أن تكون الأيام القادمة أيامًا تجمعنا جميعًا في القدس.

 

المصدر: قناة اللؤلؤة

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version